بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
كثيراً ما تساءلت ، لماذا اختار الله سورة الكهف بالذات لتقرأ كل جمعة ؟
لماذا قال رسول الله ﷺ مشيراً لفضلها : " ... ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء إلى الأرض "*.
مؤكدٌ أن هناك ما يميزها ، مؤكد أنها تشمل أساسيات العقيدة ، مؤكد أنها تحمل بين ثنايا آياتها أملاً متجدداً ، وأن فيها من الهدي والدرر ما يجب أن تذكره المؤمنات ويذكره المؤمنون باستمرار.
ولإجابة هذه السؤال وسيلة واحدة ، وهي وأن تتدبر التدبر الكامل لسورة الكهف لتدرك عِظم آياتها ، ولا تستطيع كل كتب التفسير أن تغطي هدي آياتها ولا أن تحصي الحكم والمعاني والمنهجيات والتشريعات فيها ، لأنها كلام ربانيّ كلما تدبرت وبحثت فيه أكثر زادك علما وهدى ، وكلما مر الزمان وتطورت الوسائل واختلفت الأوضاع اكتشفت معانٍ جديدة .
فقمنا أنا وأختاي: لانا خان ورغد مرشد ببدء حلقات ذكر لنفسر ونتدبر ونحفظ سورة الكهف ، ورافقتنا في بعض الجلسات صغيرتنا فاطمة غالب ، وبالطبع استعنا بمجموعة من كتب التفسير ، وهي :
تفسير الجلالين / جلال الدين المحلّى وجلال الدين السيوطي
صفوة التفاسير / محمد علي الصابوني (لم يكن أساسياً)
أعقبنا بعد ذلك بكتاب " سورة الكهف ، منهجيات في الإصلاح والتغيير " للـ د.صلاح الدين سلطان .
ليثرينا باستنباطاته العميقة كمتخصص معاصر لمنهجيات الإصلاح في واقعنا الحاضر .
ولو تأملنا سورة الكهف لوجدنا أن القصص هو العنصر الغالب ، ففي أولها تجيء قصة أصحاب الكهف ، ثم قصة الصاحبان ، ثم إشارة إلى قصة آدم وإبليس ، ثم قصة موسى مع العبد الصالح وفي نهايتها قصة ذي القرنين . ومعظم ما يتبقى من آيات السورة هو تعليق أو تعقيب على القصص ، بالإضافة إلى بعض مشاهد يوم القيامة ، وبعض مشاهد الحياة التي تصور فكرةً أو معنى على طريقة القرآن في التعبير بالتصوير ، وأما المحور الموضوعي للسورة فهو "تصحيح العقيدة" وبيان الأساسيات حيث يتساوق البدء والختام في إعلان الوحدانية وإنكار الشرك ، وإثبات الوحي والتمييز المطلق بين الذات الإلهية وذوات الحوادث ، وعرضت بعض المبادئ كمبدأ الحوار ، الوضوح ، التدرج ومبدأ الوقاية قبل العلاج ، ومن ثم الفتن حيث أشارت إلى منهجيات إدارة بعض من أخطر الفتن كفتنة السلطة والشياطين وزينة الحياة الدنيا وفتنة العلم والأصدقاء ، بالإضافة إلى أن آياتها مفعمة بروح الأمل ، فقد تكرر الحديث عن الرحمة -وهي أوسع أبواب الأمل- ٧ مرات .
فتواجه نفسك كل أسبوع ، وبحسب هذه الموضوعات تسأل نفسك ، وتقيم أداءك خلال الأسبوع ، وتتزود بالأمل وتطمح إلى التحسين ، وتنوي أن تكون خلال الأسبوع المقبل إلى الله أقرب ،، إلى الفلاح أقرب ،،
ولا أخفيكم جمال وروحانية حلقات الذكر ، حين تحفنا الملائكة ونحن نقرأ كتاب الله ، نتفكر ، نحلل أقوال المفسرين ، نتحاور ، نجيب ثم نتدبر، نحاول ترجمة المعاني لصور عملية ونربطها بالواقع بالقصص وبالتجارب.
ومن هنا ، قررنا أن نعمم سحر الآيات ، فكتبنا سلسلة "أنوار من الكهف" .
ونحن لا ننقل التفاسير فقد امتلأت الكتب بها ، بل ننقل ما تفكرناه بعقولنا وأحسسناه بقلوبنا ، ننقل المعاني التي يستعان بها لتجمل الحياة ، ننقل وقفات وتساؤلات ، تحت كلام الله ثم ما اخترناه من كتب التفسير ، حتى لا نؤول آية تأويلاً متكلفاً أو نحمل لفظاً مالا يتحمل .
وختاماً ،، معظمنا يقرأ سورة الكهف أسبوعياً ،، لننال نوراً ما بين الجمعتين ~
ولكن .. من منا فعلاً يبحث عن هذا النور ؟
من منا يبحث عن النور في قلبه ، يزكيه بتدبر هذه الآيات والعمل بها ، لينتشر النور حتى أدق تفاصيل حياته ، ومنه إلى الآخرين .. !
نسأل الله أن يتقبل منا هذا العمل منا ويجعلنا من أهل القرآن وخاصته ويجعل لنا نوراً إذا ما احتضنتنا ظلمات القبر .
---------------------
شذرات :
- لـتحميل كتاب "منهجيات في الإصلاح والتغيير" بصيغة PDF
- أن الرسول قال ﷺ "إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا" قيل وما رياض الجنة ؟ قال "حلق الذكر" ، فبادروا وجربوا أن تقيموا حلقات ذكر تتدبرون كتاب الله ، ومن تجربة أجزم لكم أنها صفقة رابحة : )
---------------------
---------------------
شذرات :
- لـتحميل كتاب "منهجيات في الإصلاح والتغيير" بصيغة PDF
- أن الرسول قال ﷺ "إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا" قيل وما رياض الجنة ؟ قال "حلق الذكر" ، فبادروا وجربوا أن تقيموا حلقات ذكر تتدبرون كتاب الله ، ومن تجربة أجزم لكم أنها صفقة رابحة : )
---------------------
* = رواية الإمام أحمد بسنده عن سهل بن معاذ عن أبيه رضي الله عنهما - مسند الإمام أحمد حديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه : ٤ / ٤٦٣
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق